‭ ‬الإسكان‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬تشخيص‭ ‬الخطأ

‭ ‬الإسكان‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬تشخيص‭ ‬الخطأ

كانت‭ ‬هناك‭ ‬ملاحظة‭ ‬حكومية‭ ‬أمس‭ ‬حول‭ ‬التقصير‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإسكان،‭ ‬وانّ‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬الازمة‭. ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬أن‭ ‬نقفز‭ ‬فوق‭ ‬حقائق‭ ‬تخص‭ ‬الزيادة‭ ‬الحقيقية‭ ‬والمتوقعة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬السكان،‭ ‬وإمكانات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬خدمات‭ ‬تديم‭ ‬بناء‭ ‬المساكن‭ ‬ولا‭ ‬تكون‭ ‬عبئاً‭ ‬على‭ ‬الإمكانات‭ ‬المتوافرة،‭ ‬والخطط‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬حبرا‭ ‬على‭ ‬ورق‭ ‬ووعوداً‭ ‬تلفزيونية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭.‬

أولاً،‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬مراجعة‭ ‬نقدية‭ ‬عند‭ ‬جهدها‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الإسكان‭. ‬هل‭ ‬من‭ ‬واجب‭ ‬الدولة‭ ‬بناء‭ ‬مساكن‭ ‬أو‭ ‬دعم‭ ‬جمعيات‭ ‬إسكانية‭ ‬لقطاعات‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬والمهن،‭ ‬وهل‭ ‬توجد‭ ‬آفاق‭ ‬مرئية‭ ‬لتوزيع‭ ‬الأراضي‭ ‬السكنية؟‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬المنجز‭ ‬الفعلي‭ ‬لجهد‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬لنا‭ ‬رؤية‭ ‬تأسيسية‭ ‬اذا‭ ‬أردنا‭ ‬التصحيح؟

‭ ‬المعلومات‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬متضاربة‭ ‬وغير‭ ‬واضحة،‭ ‬وحين‭ ‬تتوافر‭ ‬لا‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تفعيلي‭ ‬في‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بالتخطيط،‭ ‬وزارةً‭ ‬أو‭ ‬مؤسسات‭.‬

الجانب‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نتعامل‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬وما‭ ‬عليه،‭ ‬وليس‭ ‬أمراً‭ ‬سائباً،‭ ‬أو‭ ‬عشوائياً،‭ ‬أو‭ ‬مزاجياً،‭ ‬أو‭ ‬“اقطاعياً‭ ‬سياسياً”‭. ‬وهناك‭ ‬فرصة‭ ‬لترتيب‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإسكان‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬المدمرة‭ ‬بالحروب‭ ‬السابقة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬وضع‭ ‬مخططات‭ ‬جديدة‭ ‬للمدن‭ ‬لها‭ ‬امتيازات‭ ‬سهلة‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬مشاكل‭ ‬التأسيس‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬سابقة‭ ‬لا‭ ‬زلنا‭ ‬نرقّع‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬ينفع‭ ‬الترقيع‭.‬

إنّ‭ ‬البناء‭ ‬العمودي‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬الى‭ ‬الثقافة‭ ‬العراقية‭ ‬متأخراً‭ ‬بالقياس‭ ‬الى‭ ‬المنازل‭ ‬المتجاورة‭ ‬المستقلة،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬الجيدة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬تنسيق‭ ‬وتخطيط‭ ‬واستثمارات‭ ‬ذات‭ ‬منافع‭ ‬متبادلة‭ ‬وتوفر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬للعراقيين‭. ‬وقامت‭ ‬في‭ ‬الثمانينات‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬وبعض‭ ‬المدن‭ ‬الكبيرة‭ ‬تجمعات‭ ‬سكنية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الطراز‭ ‬سدّت‭ ‬نقصا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬حيز‭ ‬الإسكان،‭ ‬لكن‭ ‬الإهمال‭ ‬المتناسل‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬البناء‭ ‬العمودي‭ ‬خارج‭ ‬الاهتمام‭ ‬في‭ ‬الادامة‭. ‬وفي‭ ‬كردستان‭ ‬العراق‭ ‬نجحت‭ ‬تجارب‭ ‬اسكانية‭ ‬عالية

‭ ‬المستوى‭ ‬وأخرى‭ ‬متوسطة‭ ‬ولبّت‭ ‬حاجات‭ ‬فعلية،‭ ‬بل‭ ‬أعطت‭ ‬هويات‭ ‬عمرانية‭ ‬وجمالية‭ ‬واجتماعية‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬الكردية،‭ ‬لأنّ‭ ‬المشاريع‭ ‬الاسكانية‭ ‬تخضع‭ ‬لإدارات‭ ‬تنسق‭ ‬الادامة‭ ‬بما‭ ‬يوفر‭ ‬الحيوية‭ ‬للمشروع‭. ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العمودي،‭ ‬وانّما‭ ‬في‭ ‬المنازل‭ ‬المستقلة‭ ‬المتجاورة‭.‬

إنَّ‭ ‬المساحات‭ ‬الواسعة‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬المدن‭ ‬العراقية‭ ‬تتيح‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬الضواحي‭ ‬مع‭ ‬وضع‭ ‬سبل‭ ‬الاتصال‭ ‬السريع‭ ‬من‭ ‬طرقات‭ ‬وجسور‭ ‬في‭ ‬افق‭  ‬التخطيط‭ ‬والعناية،‭ ‬وذلك‭ ‬للتخفيف‭ ‬عن‭ ‬مراكز‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تحتمل‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬السكاني‭.‬

أتمنى‭ ‬من‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬يوضح‭ ‬ماهي‭ ‬الخطوة‭ ‬التالية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الاسكان‭ ‬بعد‭ ‬تشخيص‭ ‬الخطأ؟

فاتح عبدالسلام ـ جريدة الزمان

تابعونا عبر تليغرام
Ad 6
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com