واشنطن تحذر من “تمدّد إيراني خطير” في العراق… واستدارة محتملة بالعلاقة الثنائية

حذر وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، من ما وصفه ب”التمدد الإيراني المقلق” داخل العراق، معتبرا أنه بات يشكل تهديدا مباشرا للمصالح الأمريكية، في إشارة إلى إمكانية إعادة تقييم واشنطن لعلاقتها مع بغداد، واتخاذ “إجراءات لازمة” لحماية مصالحها.
روبيو، وفي شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، قال إن “النفوذ الإيراني في العراق شهد تزايدا واضحا وتغلغل في مفاصل الحكومة، وظهر ذلك من خلال مواقف الفصائل التي سبق أن استهدفت مصالحنا، ولا تزال تشكل خطرا متجددا”. كما أشار إلى أن بعض الفصائل المسلحة تستعد لاستئناف هجماتها على المواقع الأمريكية في البلاد.
في المقابل، وصف عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، علي نعمة البنداوي، تصريحات الوزير الأمريكي ب”غير الموفقة”، مؤكدا أن العراق يمتلك حكومة منتخبة تبسط سيادتها على كامل أراضيه، ولا يسمح بأي تدخل خارجي في قراراته. وبين أن ما يجري على الأرض يعكس تعافيا واضحا للعراق في علاقاته مع دول الجوار والمجتمع الدولي، بالاستناد إلى المصالح المشتركة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
وفي السياق ذاته، أشار عضو الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وفاء كريم، إلى أن المطالب الأمريكية المتعلقة بإنهاء نفوذ إيران في العراق ليست جديدة، بل تعود إلى عهد إدارة دونالد ترامب، التي تبنت مشروعا لحصر السلاح بيد الدولة ونزع سلاح الفصائل. وأضاف أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التزم أكثر من مرة بدمج الفصائل ضمن القوات الرسمية، مشددا على أن الضغوط الأمريكية الحالية تأتي ضمن مسار الضغط الإقليمي والدولي على إيران، لا سيما في ما يتعلق بالملف النووي.
وأكد كريم أن “التهديدات الأمريكية هذه المرة جدية، وقد تتطور إلى خطوات عملية إذا لم تبادر الحكومة العراقية إلى حل الفصائل وإنهاء تهريب النفط والدولار إلى طهران”، محذرا من أن الوضع الإقليمي المتغير يتطلب من بغداد التعامل بمرونة مع هذه المطالب.
من جهته، رأى رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، أن تصريحات روبيو تعكس قناعة أمريكية بأن إيران لا تزال تمتلك تأثيرا واسعا داخل مؤسسات الدولة العراقية، وهو ما يعرقل تطوير العلاقة بين بغداد وواشنطن. ولفت إلى أن واشنطن تعتبر أن حكومة السوداني لم تستجب حتى الآن لاشتراطاتها بشأن تقليص نفوذ الفصائل المسلحة داخل المؤسسات التنفيذية والتشريعية.
وأضاف الشمري أن واشنطن ترى أيضا أن النفوذ الإيراني يعرقل العلاقة بين بغداد وأربيل، وخصوصا في ما يتعلق بملف الطاقة، في ظل محاولات عراقية حكومية لإيقاف اتفاقات عقدتها حكومة الإقليم مع شركتين أمريكيتين مؤخرا في واشنطن. وكانت وزارة النفط العراقية قد اعترضت رسميا على هذه الاتفاقات، بينما ردت وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان بأنها قانونية ومصادق عليها من قبل المحاكم العراقية.
ويرى مراقبون أن التصريحات الأمريكية الأخيرة تمهد لتحول محتمل في السياسة الأمريكية تجاه العراق، سواء على مستوى العلاقة مع الحكومة أو في ما يخص التعامل مع الفصائل المسلحة، وسط ترقب لمسار الأحداث خلال الفترة المقبلة.