تحديد التوقعات مع سوريا بشأن مكافحة تنظيم داعش

شهد شهر مايو تقلبات كبيرة في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، بعد لقاء مشجع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في الرياض، تخللته هجمات جهادية على قوات الحكومة الجديدة، مما يؤكد أن مهمة مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لا تزال أولوية قصوى.
التطورات الأخيرة
في 18 مايو، انفجرت سيارة مفخخة في مدينة الميادين السورية، مستهدفةً قوات الأمن السورية ومخلفةً قتلى، في أول هجوم ناجح ضد الحكومة الجديدة، بعد أيام من إعلان ترامب والشرع بدء فصل جديد من العلاقات الثنائية.
البيت الأبيض حثّ الشرع على المساعدة في منع عودة نشاط داعش وتحمل مسؤولية مراكز الاحتجاز التي تضم آلافاً من عناصر التنظيم وعائلاتهم في شمال شرق سوريا. التحدي الآن يكمن في كيفية تنفيذ هذه المطالب على الأرض ضمن جدول زمني واضح بالتنسيق مع الشركاء الأمريكيين والإقليميين.
الخلفية: نهج الولايات المتحدة في سوريا منذ 2014
منذ ظهور تنظيم داعش في 2014، تصدرت الولايات المتحدة الجهود العسكرية والمالية لمكافحة التنظيم، عبر قيادة التحالف الدولي وتشغيل عمليات عسكرية مشتركة مع الفصائل المحلية، خصوصاً قوات سوريا الديمقراطية (SDF) التي تقودها الكرد.
بعد تحرير آخر معاقل داعش في مارس 2019، انتقلت القوات الأمريكية إلى تقليل الوجود العسكري المباشر مع التركيز على تدريب ودعم الشركاء المحليين في المهمة الأمنية.
التحديات الكبرى: مراكز الاحتجاز والمخاطر الأمنية
أكبر تحدٍ يواجهه جميع الأطراف هو وجود آلاف المحتجزين المنتمين لداعش في مراكز احتجاز شمال شرق سوريا، والتي تضم نساءً وأطفالاً من أكثر من 60 دولة. تصنف القيادة المركزية الأمريكية هذه المشكلة إلى ثلاث فئات:
داعش النشط في القتال ضد الولايات المتحدة وشركائها في العراق وسوريا
أعضاء داعش المعتقلين في مراكز الاحتجاز
الجيل القادم المحتمل من داعش، والذي يتضمن عائلات ومحتجزين في مخيمات مثل الهول وروج
الأوضاع السياسية والتحديات الإقليمية
مع سقوط نظام الأسد، تغير المشهد السوري بشكل جذري، ما يفتح نافذة أمل لوحدة البلاد واستقرارها تحت حكومة الشرع، لكن التحديات الأمنية والإنسانية لا تزال ضخمة. في الوقت ذاته، بدأ التحالف الدولي تقليل عملياته في العراق، ما يؤثر على قدرة العمل في سوريا.
سوريا ليست جاهزة لتحمل كامل عبء مكافحة داعش بمفردها، ما يستوجب تعاوناً أمريكياً وإقليمياً واضحاً.
الفاعلون المختلفون وأجنداتهم
دمشق: أظهرت الحكومة الجديدة استعداداً لمكافحة داعش بالاعتماد على استخبارات أمريكية، لكن يبقى السؤال حول قدرتها ورغبتها في تحمل كامل مسؤولية المهمة، بما في ذلك إدارة مراكز الاحتجاز.
قوات سوريا الديمقراطية (SDF): كانت شريكاً رئيساً في مكافحة داعش، لكنها ليست دولة وتواجه ضغوطًا من تركيا التي تعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني (PKK). بدون دعم أمريكي، تواجه SDF خطر مواجهة تركية مباشرة.
تركيا والعراق: اقترحت تركيا إنشاء منصة إقليمية بقيادتها مع العراق والأردن وسوريا، لكن هذه الفكرة اصطدمت برفض الشركاء الإقليميين بسبب أجندة تركيا ضد حزب العمال الكردستاني، بالإضافة إلى تردد بغداد في دعم حكومة الشرع.
أوروبا: دعمت فرنسا وبريطانيا المهمة العسكرية الأمريكية، واقترحت بدائل مثل استمرار العملية العسكرية بتنسيق مع الحكومة السورية الجديدة.
توصيات لإدارة العلاقة الأمريكية-السورية ومكافحة داعش
تأكيد استعداد دمشق وقدرتها: على واشنطن تأسيس مجموعة عمل ثنائية لتحديد تفاصيل مهمة مكافحة داعش الثلاثية (المتمردون، المحتجزون، العائلات في المخيمات) وضمان معاملة إنسانية.
تعزيز العلاقة بين دمشق وSDF: يجب تشجيع التعاون بين الطرفين لأنهما معًا فقط قادران على إنجاح مهمة مكافحة داعش.
الضغط على تركيا: على الولايات المتحدة مطالبة أنقرة بوقف الأعمال التي قد تؤدي إلى عودة نشاط داعش، لا سيما الهجمات على SDF.
مشاركة أوروبا: لا ينبغي استبعاد أوروبا، التي يجب عليها زيادة جهودها المالية والعمل على إعادة رعاياها المحتجزين.
جدول زمني واقعي: يجب على وزارة الدفاع والخارجية الأمريكية وضع خطة تدريجية لتسليم المهام الأمنية لسوريا بشكل آمن ومدروس.
خاتمة
بينما تتجه الولايات المتحدة نحو تسليم مهمة مكافحة داعش للحكومة السورية الجديدة، لا تزال العديد من العقبات قائمة، تتطلب تنسيقاً دقيقاً بين دمشق، الشركاء المحليين، والإقليميين لضمان استقرار سوريا ومنع عودة التنظيم المتطرف.
ديفوراه مارغولين هي باحثة أولى في معهد واشنطن للأبحاث، وتختص بالشأن السوري والشرق أوسطي.