زيارة الشابندر إلى دمشق تفتح قنوات التنسيق مع سوريا الجديدة وتثير جدلاً في بغداد

في تطور لافت على صعيد العلاقات العراقية – السورية، كشف مصدر سياسي رفيع المستوى في بغداد أن زيارة السياسي العراقي عزت الشابندر إلى دمشق، أول أمس، جاءت موفداً عن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وهدفت إلى تنسيق سياسي وأمني عالي المستوى مع القيادة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع.
وقال المصدر، المقرّب من دوائر صنع القرار، في حديث إلى “الأخبار”، إن اللقاء بين الشابندر والشرع ناقش عدداً من الملفات الاستراتيجية، في مقدّمتها إعادة تنظيم العلاقات الثنائية، وتأمين الحدود المشتركة، إضافة إلى التباحث بشأن أرشيف العلاقات العراقية – السورية في عهد الرئيس السابق بشار الأسد.
وبيّن المصدر أن الجانب العراقي طلب استعادة أرشيفه الأمني والعسكري والدبلوماسي الكامل، بما في ذلك وثائق حقبة صدام حسين، المحفوظة في دمشق، مشيراً إلى اتفاق مبدئي مع الجانب السوري على وضع آلية تقنية لتسليم الأرشيف ضمن جدول زمني متفق عليه.
وأضاف المصدر أن اللقاء شمل أيضاً مناقشة إعادة تفعيل الاتفاقات الأمنية والاقتصادية الموقعة سابقاً بين البلدين، مع التوافق على استئناف اجتماعات اللجان الفنية المختصة خلال الأسابيع المقبلة، لافتاً إلى أن العراق عبّر عن رغبته في دعم استقرار سوريا الجديدة ورفض أي تدخلات خارجية تمسّ بسيادتها، وهو موقف يعكس سياسة متواصلة لرئيس الوزراء السوداني.
وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة لقاءات دبلوماسية بدأت بلقاء جمع السوداني بالرئيس السوري الانتقالي منتصف نيسان الماضي في الدوحة بوساطة قطرية، أعقبه بعد عشرة أيام اجتماع أمني مهم في دمشق بين رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري ومسؤولين سوريين.
ويرى مراقبون أن هذه التحرّكات تأتي في وقت إقليمي حساس يشهد تصاعداً في التوترات وتبلور تحالفات جديدة، فيما يبدو أن العراق يسعى لتعزيز عمقه الاستراتيجي غرباً وتوسيع دور الوساطة الذي طالما تبنّاه، في ظل ضغوط أمنية على حدوده الشرقية والغربية.
ووصف الشابندر اللقاء مع الشرع بأنه “مفيد جداً”، مؤكداً أن الزيارة هدفت إلى بناء علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية متينة، وأضاف في تصريح صحافي أنه تم التباحث حول تجاوز الاعتداء على مكتب المرجع الديني السيد علي السيستاني في دمشق، وإمكانية استئناف الزيارات الدينية إلى مقام السيدة زينب والمراقد الأخرى.
كما أدان الطرفان الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، وأبديا مواقف موحدة تجاه دعم سيادة البلاد واستقرارها، فيما لم يستبعد الشابندر قيام الشرع بزيارة مرتقبة إلى بغداد لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين البلدين.
غير أن الزيارة أثارت موجة جدل داخلي في العراق، إذ انتقدت بعض القوى السياسية ما وصفته بـ”دبلوماسية الظل”، معتبرة أن إرسال شخصيات غير رسمية للقيام بمهام دبلوماسية حساسة يمثل تجاوزاً لمؤسسات الدولة، ويثير تساؤلات حول طبيعة الملفات التي يتم التفاوض بشأنها بعيداً عن أعين البرلمان ووزارة الخارجية.
ورد الشابندر على الانتقادات من خلال منشور على منصة “إكس”، قال فيه: “أنحني احتراماً لمن انتقد زيارتي بمنطق الحجة والحرص على العراق، أما الذباب الإلكتروني وكل من يذبح الحقيقة خدمةً لأسياده، فلا أراهم على الخريطة أصلاً”.
وتبقى نتائج هذه الزيارة مرهونة بتطورات الأسابيع المقبلة، وسط ترقّب لمآلات الانفتاح العراقي على القيادة السورية الجديدة، في ظل سياقات إقليمية متغيرة وتنافس محموم على إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة.