ما الذي نطالبه من القمة العربية الإسلامية هذا اليوم ؟ عطوان يكتب ..

ما الذي نطالبه من القمة العربية الإسلامية هذا اليوم ؟ عطوان يكتب ..

 

أثبت العدوان الإسرائيلي الأخير على دولة قطر سقوط اسطورتين أساسيتين: الأولى التي تروج بأن بنيامين نتنياهو يقف شخصيا خلف حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة، وتصاعد التوتر في المنطقة، وبرحيله يمكن ان تتوقف فورا، والثانية، النجاح المؤكد لقدرة الردع الإسرائيلية القائمة حاليا على جميع الجبهات دون أي استثناء، وهي القدرة المدعومة بتفوق استخباري ضخم في المنطقة العربية وجوارها الإسلامي.

فعندما يؤيد اكثر من 75 بالمئة من الإسرائيليين العدوان على قطر، بما في ذلك احزاب المعارضة،  لانتهاك سيادتها، وبهدف اغتيال قادة حماس في الخارج بقيادة المجاهد خليل الحية رئيس الوفد المفاوض، فهذا يعني ان الغالبية العظمى من المستوطنين الإسرائيليين في كل فلسطين المحتلة لا يقلون تطرفا عن نتنياهو في العداء والكراهية والرغبة التدميرية للعرب جميعا، بما في ذلك دولة صديقة لأمريكا مثل قطر تعتبر “قبلة” للوفود الإسرائيلية، وخاصة رئيس جهاز الموساد ديفيد برنياع، الذي كان وأعضاء قيادته ضيوفا شبه دائمين في الدوحة، ولأكثر من 23 شهرا، تحت غطاء المشاركة في مفاوضات وقف اطلاق النار في قطاع غزة برعاية أمريكية.

نحن كعرب ومسلمين نواجه كيانا دمويا مارقا، لا تردعه الا القوة المفرطة، يمارس حرب الإبادة والتجويع والتدمير، في إطار استراتيجيته التوراتية والتاريخية لإقامة “إسرائيل الكبرى” على جميع الأراضي السورية والفلسطينية واللبنانية ومعظم العراق والمملكة العربية السعودية ومصر و الأردن ، ومن المؤسف اننا نجري ونلهث خلف “أُكذوبة” اسمها حل الدولتين، والحل الدبلوماسي “الوهمي” للقضية الفلسطينية.

اعتراف 150 دولة تقريبا بهذا الحل وتبنيه للدولة الفلسطينية المستقلة، لم يُدخل رغيف خبز واحد او علبة دواء للمحاصرين المجوعين في قطاع غزة، ولم ولن يمنع ضم الضفة الغربية والتوسع الاستيطاني المسعور فيها، وربما التهجير القسري لاحقا في المنطقتين.

حسنات هذا العدوان الإسرائيلي على قطر عديدة، وربما تأتي في إطار الحكمة التي تقول “قد يأتي الخير من باطن الشر”، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • أولا: نجاة قادة حركة “حماس” الذي يعود في تقديرنا الى الذكاء الاستخباري الأمني الذي لم يتوقف عنده الكثيرون للأسف، فهؤلاء القادة تعلموا من التجارب السابقة، وخاصة جريمة اغتيال المجاهد إسماعيل هنية في مقر اقامته في طهران، مما يعني ان الاختراقات الاستخبارية الإسرائيلية السابقة المتمثلة في اغتيال قيادات فلسطينية وعربية وإسلامية (لبنان، ايران، اليمن، غزة، الضفة) بدأت تعطي نتائج عكسية، ولم تعد مضمونة النتائج بعد مراجعات أمنية في جميع الدول المستهدفة.

  • ثانيا: ردة فعل القادة الخليجيين الإيجابية والسريعة تجاه هذا العدوان، ربما أدت جميعها الى إنهاء المقاطعة المفروضة على دولة قطر وتحقيق مصالحة خليجية تزيل معظم الخلافات القائمة العلنية والمخفية، وخاصة بين قطر والسعودية وقطر والامارات، انعكست في زيارة التضامن للدوحة من قبل زعماء هذين البلدين سواء انفراديا او في اطار القمة العربية الإسلامية، والدور البارز في دعمها.

  • ثالثا: سقوط هيبة أمريكا كحليف، وصديق يمكن الاعتماد عليه سياسيا وأمنيا من قبل القادة الخليجيين، وسقوط اكذوبة القواعد الامريكية الحامية في هذا الميدان، وخاصة “الخدعة” التي رددها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دائما لتبرير عمليات ابتزازه للتريليونات الخليجية، وهي انه يأخذ هذه الأموال مقابل حمايتهم، أي انها ليست مجانية.

  • رابعا: إقامة علاقات تطبيعية ودبلوماسية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، سواء رسمية في إطار “سلام ابراهام”، او تحت الطاولة دون اعلان، ليس ضمانة بعدم العدوان الإسرائيلي، فدولة قطر اعترفت اكثر من مرة على لسان المسؤولين فيها، الحاليين، او السابقين، بأنها استضافت قيادة حماس الخارج بطلب امريكي وموافقة إسرائيلية، والأهم من ذلك انها قدمت 30 مليون دولار شهريا لحكومة “حماس” في غزة بطلب من نتنياهو شخصيا، الذي ارسل 12 طائرة من نوع الشبح “اف 35” لقصفها، وانتهاك سيادتها، وليس هذا المجال للإطالة وشرح الأسباب.

بعد حرب الإبادة والتجويع في غزة، والعدوان الأخير على الدوحة، وتدمير واحتلال معظم جنوب لبنان، والتجول الاستعراضي الاستفزازي لافخاي ادرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، واحتلال كل الجنوب السوري، واعتقال سوريين في قلب دمشق بعد قصف قصرها الرئاسي ومقر قيادة جيشها، وأخيرا الهجوم الثنائي الأمريكي الإسرائيلي على ايران، ومحاولة تدمير منشآتها النووية، ولا ننس اليمن العظيم الذي يتعرض للقصف بشكل يومي، بعد كل هذه العدوانات، مجتمعة او منفردة، يجب وضع استراتيجية مواجهة عسكرية لوضع حد لهذه الغطرسة العسكرية الدموية الاستعلائية لدولة الاحتلال فورا، واذا لم يكن هذا المطلب هو الموضوع الرئيسي على قائمة بحث واهتمام القادة العرب والمسلمين في قمة الدوحة يوم الاثنين، فعلينا ان نتوقع عدوانات إسرائيلية جديدة، بل الاستعداد لكي يكون معظم الزعماء المشاركين فيها، او كلهم، “نواطير” في اقاليم دولة إسرائيل الكبرى، والعظمى.. والأيام بيننا.

تابعونا عبر تليغرام
Ad 6
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com