أوروبا منقسمة.. دول اعترفت بفلسطين وأخرى تنتظر

في ظل استمرار الاعترافات الدولية بفلسطين خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، يبرز انقسام عميق داخل الاتحاد الأوروبي حول هذه الخطوة الحاسمة.
فقد أعلنت دول مثل فرنسا، إسبانيا، إيرلندا، البرتغال، بلجيكا، ولوكسمبورغ اعترافها بفلسطين هذا العام، لتنضم إلى قائمة تضم الآن 16 دولة أوروبية من أصل 27 تعترف رسميا بدولة فلسطين.
ويأتي هذا التحول الدبلوماسي تزامنا مع اعترافات جديدة من خارج القارة العجوز، أبرزها المملكة المتحدة، كندا، وأستراليا، في خطوة تضخم الضغط على إسرائيل وحليفتها الرئيسية، الولايات المتحدة، وسط استمرار الحرب المدمرة على قطاع غزة.
لكن رغم هذا الزخم، يظل الاتحاد الأوروبي منقسما، فـ11 دولة عضو، من بينها قوى رئيسية مثل ألمانيا وإيطاليا، لا تزال ترفض الاعتراف بدولة فلسطين، متمسكة بموقف يرى أن الاعتراف يجب أن يكون “نتيجة” مفاوضات سلام ناجحة، لا “وسيلة” لدفعها.
وفي هذا الصدد، يقول وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول: “يجب أن يأتي الاعتراف في نهاية العملية، لا في بدايتها”، مضيفا أن “الإرهاب والدمار لا يمكن أن يكونا أساسا لأي حل”.
من جهته، يرى نظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني أن “الاعتراف بدولة دون وجود الظروف الفعلية لولادتها لن ينتج سوى وهمٍ”، وقد يبعد السلام أكثر.
ولا يقتصر الرفض على هاتين الدولتين، فكرواتيا، على سبيل المثال، تشهد خلافا داخليا بين رئيسها، الذي يدعو للاعتراف، وحكومتها، التي ترفضه. كما أن بلغاريا لم تصدر موقفا واضحا بعد، فيما ترفض جمهورية التشيك، رغم اعتراف تشيكوسلوفاكيا سابقا في الحقبة السوفيتية، الاعتراف اليوم، مشترطة “مفاوضات مباشرة” لا تراها ممكنة طالما تسيطر حماس على غزة.
ويشير خبراء إلى أن هذا الانقسام الأوروبي يضعف من قدرة التكتل على لعب دور فاعل في إنهاء الصراع. ويقول ماكس رودنبك من مجموعة الأزمات الدولية: “إذا لم يترجم الاعتراف إلى خطوات ملموسة على الأرض، فقد يصبح مجرد إلهاء عن الواقع المرير: وهو تآكل الوجود الفلسطيني في وطنه”.
وفي المقابل، تبقى الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو العقبة الأكبر، إذ ترفض جهارا فكرة الدولة الفلسطينية، بل وتهدد بضم الضفة الغربية، مما يجعل قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة أمرا شبه مستحيل دون ضغط دولي حقيقي.
لذا، بينما يتسارع العالم نحو الاعتراف بفلسطين، تبقى أوروبا مشتتة، ودول كبرى كالتي في برلين وروما تتمسك بموقف قد ينظر إليه لاحقا كعائق أمام السلام، لا حارس له.
المصدر: