بعد العرب.. مهندس “اتفاقات إبراهيم” يتجه نحو إيران

بعد العرب.. مهندس “اتفاقات إبراهيم” يتجه نحو إيران

 

بعد فترة طويلة من اعتزاله المناصب الرسمية في عهد ترامب الثاني، يعود جاريد كوشنر إلى الواجهة السياسية من جديد، حيث تم تكليفه هذه المرة بمسؤولية المفاوضات مع إيران.

هذا الصهر اليهودي لترامب، الذي لعب دوراً محورياً في صياغة اتفاقات التطبيع مع كيان الاحتلال، يُشار إليه في أوساط الاعلاميين بـ “مهندس اتفاقات إبراهيم”.

شغل كوشنر منصب المستشار الأقدم في البيت الأبيض خلال عهد ترامب الأول، وبرز اسمه بشكل لافت عندما تمكّن في غضون أشهر قليلة من عقد سلسلة من الاتفاقات أُطلقت عليها تسمية “اتفاقات إبراهيم” مع عدة دول، منها الإمارات والبحرين والمغرب، والتي بموجبها تسير العلاقات بين الدول الموقعة وإسرائيل نحو التطبيع.

التحول من “عقيدة المحيط” إلى “اتفاقات إبراهيم”

انتقل الكيان الصهيوني في سياسته من ما يُعرف بـ “عقيدة المحيط”، التي سعى من خلالها إلى بناء علاقات متينة مع الدول غير العربية في المنطقة لموازنة نفوذ الدول العربية، إلى مرحلة جديدة في عهد ترامب الأول، جعل فيها تطبيع العلاقات مع دول المنطقة، خاصة العربية، على رأس أولوياته، مما أدى إلى ولادة “اتفاقات إبراهيم”.

وكان كوشنر الذراع الأساسي لإسرائيل لتحقيق هذه الأهداف. هذا اليهودي المنحدر من عائلة ثرية، والذي تعزز نفوذه بزواجه من ابنة ترامب، قبل أن يترسخ ظهوره على الساحة العالمية مع توليه منصبا في إدارة ترامب الأولى. استطاع كوشنر، المتشبع بالفكر الصهيوني، خلال أربعة أشهر فقط، تمهيد الطريق لعدة اتفاقات ضمن إطار “إبراهيم”، وسعى لتوسيع نطاقها ليشمل دولاً أخرى في غرب آسيا، لا سيما السعودية.

فقد شهدت فترة ترامب الأولى بداية العديد من الخطوات، بتوجيه من كوشنر، نحو تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، استمرت لاحقاً من الجانب الإسرائيلي، إلى أن جاء “طوفان الأقصى” ليعطّل كل هذه المخططات، لتربط الرياض اليوم أي عملية تطبيع بتحقيق حل الدولتين.أسس كوشنر لاحقاً “معهد اتفاقات إبراهيم من أجل السلام” لتوسيع نطاق هذه الاتفاقات، والذي أعلن في أبريل 2025 عن دمج أنشطته مع “مؤسسة التراث” (Heritage Foundation) لتعزيز مهمته في نشر اتفاقات إبراهيم والترويج للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

وكان صهر ترامب قد ذكر سابقاً أن ست دول أخرى مستعدة للانضمام إلى هذه الاتفاقات، مؤكداً في السنوات الأخيرة، خاصة بعد هجمات حماس عام 2023، على أن هذه الاتفاقات “أكثر أهمية من أي وقت مضى”. كما كان لكوشنر دور خلف الكواليس في مفاوضات غزة الأخيرة (2025)، حيث استخدم علاقاته الوطيدة مع القادة العرب، مثل محمد بن سلمان، لتوسيع نطاق الاتفاقات.واستثمر صهر ترامب مبالغ طائلة في السعودية، مما خلَق مصالح مشتركة بينه وبين المسؤولين السعوديين.

كوشنر يتجه نحو إيران

هذا اليهودي المتعصب لإسرائيل، تم الآن تعيينه من قبل دونالد ترامب كمسؤول عن ملف الاتفاق والسلام مع إيران. فخلال زيارة ترامب الأخيرة للأراضي المحتلة، أعلن الرئيس الأمريكي في الكنيست الإسرائيلي، مفتخراً بصهره، عن نيته إسناد هذه المهمة إليه، معرباً عن أمله في “الوصول إلى اتفاق سلام مع إيران”.ما يرجح كفة كوشنر لهذه المهمة هو علاقاته الجيدة مع دول غرب آسيا، خاصة السعودية، وإلمامه الواسع بملفّي إسرائيل وإيران، والأهم من ذلك كله، هويته اليهودية وولاؤه المطلق لإسرائيل.في السابق، كانت مسؤولية هذه المفاوضات ملقاة على عاتق ستيف ويتكوف، أحد أصدقاء ترامب المقربين ومحاميه، والذي شارك في خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة مع إيران. لكن العملية التفاوضية تعطلت قبل يومين فقط من بدء الجولة السادسة، بسبب العدوان الصهيوني على ايران بضوء اخضر اميركي.

ها هي واشنطن، رغم سجلها الحافل بنقض العهود، تعود اليوم للحديث عن المفاوضات والسلام. فقد انسحب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني بشكل أحادي خلال فترته الأولى، وفي فترته الثانية، وفي خضم المفاوضات، لم يكتفِ بمنح إسرائيل الضوء الأخضر للاعتداء على إيران، بل قام شخصياً بقصف المنشآت النووية الإيرانية بقنابل “محطمة للتحصينات”. كما أن واشنطن، رغم المساعي الدبلوماسية الإيرانية، دعمت تفعيل “آلية الزناد” لاستعادة العقوبات الأممية تلقائياً.

شروط ترامب لإيران

يتحدث ترامب عن السلام مع إيران، لكنه يشترط في المقابل أن تخضع طهران لشروط، أبرزها “الاعتراف بإسرائيل” ووقف دعم جماعات “محور المقاومة”، بل وذهب إلى حد الادعاء بأن إيران ستنضم إلى “اتفاقات إبراهيم”!يأتي هذا المطلب الأميركي في وقت تشكّل معاداة الصهيونية ودعم الشعب الفلسطيني المظلوم أحد الثوابت الأساسية للثورة الإسلامية في إيران، حيث يرفض الشعب الإيراني، على امتداد تاريخه، الاعتراف بهذا الكيان المغتصب المدعو “إسرائيل”.

إن ترامب يطالب إيران بأن تعترف بكيان ارتكب، خلال عامين فقط، مخالفة صارخة للقانون الدولي وبالرغم من إدانة العالم، جريمة إبادة جماعية راح ضحيتها أكثر من 65 ألفاً من المدنيين الأبرياء في غزة، حولها إلى أنقاض. إنه يطلب من الشعب الإيراني أن يصافح هذا الكيان!ويُتوقع أن يسعى ترامب إلى توظيف علاقات كوشنر الجيدة مع مسؤولي الدول العربية في الخليج الفارسي للضغط على إيران.

تابعونا عبر تليغرام
Ad 6
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com