جمع آلاف المقتنيات.. مصري يؤسس متحفاً يوثق مسيرة الزعيم عادل إمام
على مدار أكثر من ثلاثة عقود، ظل الشاب المصري أحمد جمال يعيش حالة عشق استثنائية لفنان واحد، رافقه منذ الطفولة وحتى اليوم، فصار بالنسبة له أكثر من مجرد نجم شاشات السينما والمسرح، بل أصبح رمزاً للفن والذكريات والبهجة. عشق لم يخفت مع مرور الزمن، وازداد رسوخاً حتى تحول إلى متحف فريد يضم كل ما يمكن أن يحكى عن مسيرة الزعيم عادل إمام.
يقول أحمد جمال، الباحث الفني ” بدأت القصة عندما كنت في الثانية عشرة من عمري. كنت في الإسكندرية، وذهبت إلى مسرح السلام لمشاهدة الفنان عادل إمام في عرض مسرحية (الواد سيد الشغال). لم أكن أتخيل أن تلك الليلة ستغير حياتي بالكامل. كنت أرى أمامي نجماً يملأ المكان حضوراً وضحكاً وصدقاً. منذ تلك اللحظة، بدأت حكايتي معه.”
مزادات داخل وخارج مصر
ويتابع قائلاً: “كنت أعيش في منطقة شبرا بمصر، وكانت هناك سينما قريبة من منزلي، كنت أذهب إليها فقط لأرى أفيشات أفلامه الجديدة. لم يكن الأمر مجرد إعجاب، بل ارتباط طفولي حقيقي، كنت أشعر أنني أعرفه شخصياً ، وأنه جزء من حياتي اليومية.”
منذ تلك اللحظة، بدأ أحمد جمال في جمع كل ما يمكن أن يجده عن الزعيم، فتابع أخباره في الجرائد والمجلات وشاشات التلفزيون، ثم انتقل إلى مرحلة جديدة من الهواية تحولت إلى بحث فني منظم، إذ بدأ يزور شركات الإنتاج السينمائي في القاهرة ليطلب منها أفيشات وبوسترات أفلام عادل إمام الأصلية. ومع مرور الوقت، توسعت دائرة بحثه لتشمل مزادات داخل وخارج مصر، حتى أصبح يمتلك واحدة من أندر المجموعات الخاصة بنجم عربي.
يقول أحمد: “لم أكتف بما يعرض في مصر، بل بدأت أبحث عبر المجموعات والمزادات في دول عربية وأوروبية، حتى تمكنت من جمع أكثر من 10 آلاف صورة فوتوغرافية أصلية للزعيم، بعضها لم ينشر من قبل، التقطت أثناء تصوير أفلامه ومسرحياته.”
الأرشيف الصحافي الكامل لعادل إمام
ولم يتوقف شغف أحمد عند الصور والملصقات، بل امتد ليشمل الأرشيف الصحافي الكامل للفنان، إذ يضيف بفخر: “جمعت أكثر من 14 ألف عدد من الجرائد، و13 ألف مجلة بلغات مختلفة من كل أنحاء العالم، جميعها تتحدث عن عادل إمام، عن أفلامه وحياته وحواراته. هذا الكم الهائل من المادة الصحافية تطلب سنوات طويلة من الجهد والتواصل مع المكتبات ودور الأرشيف”.
ويكشف الباحث الشاب عن مفاجآت نادرة يحتفظ بها داخل متحفه، من بينها أول توقيع لعادل إمام على أول أجر تقاضاه في بداية مشواره الفني، بالإضافة إلى السيناريوهات الأصلية لعدد من أشهر أفلامه، ونسخ نادرة من البوسترات الأولى لأعماله في مرحلة الستينيات والسبعينيات، بل وحتى وثائق وصور تخص أول أدواره المسرحية في مسرحية “أنا وهو وهي”.
يقول أحمد بابتسامة فخر: “لك أن تتخيل أن كل قطعة هنا وراءها قصة طويلة من البحث والمراسلات والانتظار. كنت أحياناً أتعقب نسخة واحدة من مجلة قديمة في أوروبا لأشهر حتى أجدها. لكن شعوري عندما أحصل عليها كان يعوض كل التعب”.
أكبر مكتبة فيديو لأعمال الزعيم
ويشير إلى أن المتحف لا يضم فقط الوثائق والمجلات، بل يحتوي أيضاً على أكبر مكتبة فيديو لأعمال عادل إمام، تشمل المسرحيات والأفلام والمسلسلات، جمعها من نسخ أصلية في دول عربية عدة، بعضها غير متوفر في الأسواق أو القنوات. كما يحتفظ بمجموعة كبيرة من الكتب النقدية والسينمائية التي تناولت أعمال الزعيم وتحليلات النقاد لمسيرته.
ويؤكد أحمد جمال أن هذا المشروع لم يكن مجرد هواية، بل رسالة تقدير لفنان أثر في وجدان أجيال كاملة، قائلاً: “عادل إمام ليس مجرد ممثل عظيم، بل حالة إنسانية نادرة. علمني الكثير دون أن يعرفني. أحببته كقدوة وكفنان، وأردت أن أخلد تاريخه حتى تراه الأجيال القادمة كما رأيناه نحن”.

