رئيس القضاء الأعلى: موعد الانتخابات البرلمانية مخالفة صريحة ولا يستند لأي نص دستوري
وأوضح زيدان أن النظام السياسي في العراق جمهوري نيابي (برلماني) بموجب المادة 1 من الدستور، حيث يُعدّ مجلس النواب الذي يمثّل السلطة التشريعية بمثابة “الأم” التي تتولّد منها الحكومة التي تمثّل السلطة التنفيذية، ويتم انتخاب أعضائه بالاقتراع السرّي المباشر وفقاً للمادة 49. كما أرسى الدستور وقانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم 31 لسنة 2019 المعدل، أسساً واضحة لتنظيم العملية الانتخابية.
وفيما يخص التوقيتات، بين رئيس مجلس القضاء الأعلى، أن الدستور حدد في المادة 56/ثانياً أن تُجرى انتخابات مجلس النواب الجديد قبل 45 يوماً من تاريخ انتهاء الدورة النيابية القائمة. ونظراً لأن الدورة الحالية بدأت في 9/1/2022 وتستمر 4 سنوات تقويمية وفق المادة 56/أولاً، فإن الموعد الدستوري المفترض لإجراء الانتخابات يجب أن يكون في 24/11/2025.
وأشار إلى أن تحديد يوم 11/11/2025 موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية يمثل مخالفة صريحة، لأنه لا يستند إلى أي نص دستوري أو قانوني.
وفي سياق المدد الزمنية لإعلان النتائج وتشكيل الحكومة، ذكر زيدان أن المادة 20 من قانون المفوضية تنص على أن مدة الطعن في نتائج الانتخابات تكون 3 أيام من تاريخ إعلانها، وتتولى المفوضية خلال 7 أيام إعداد الإجابات ورفعها إلى الهيئة القضائية للانتخابات التي تبت فيها خلال 10 أيام. وبعد ذلك، تُرسل المفوضية النتائج النهائية إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة عليها وفق المادة 93/سابعاً، لتقوم المفوضية بإشعار رئيس الجمهورية، الذي يدعو مجلس النواب الجديد للانعقاد بمرسوم جمهوري خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة.
وأضاف أن مجلس النواب الجديد ينعقد برئاسة أكبر الأعضاء سناً لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه وفق المادة 55، ثم يقوم بانتخاب رئيس الجمهورية خلال 30 يوماً من تاريخ انعقاده وفقاً للمادة 72/أولاً/ب. وبعد انتخابه، يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء خلال 15 يوماً، ويمنح المكلف مدة 30 يوماً لتقديم كابينته الوزارية لنيل الثقة وفق المادة 76 من الدستور.
ولفت إلى أنه بحساب هذه المدد الدستورية، تمتد المدة الإجمالية اللازمة لولادة الحكومة الجديدة إلى نحو 4 أشهر من تاريخ إعلان النتائج. غير أن المشرّع الدستوري استخدم عبارة “خلال” في جميع هذه المواد، وهي عبارة تحدّد الحد الأعلى للمدة الزمنية ولا تُلزم بالانتظار حتى نهايتها، مما يمنح مرونة كبيرة في تقصير هذه المدد متى ما توفرت الإرادة السياسية.
وأكد أن مدة الـ 4 أشهر لولادة الحكومة يمكن اختزالها إلى أقل من ذلك بكثير إذا تم استثمار اليوم الأول من كل مرحلة دستورية وعدم الانتظار إلى نهاية المدد القصوى. فمثلاً، انعقاد مجلس النواب في يوم الدعوة الأول، وانتخاب رئيس المجلس ورئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء في الأيام الأولى، كفيل بجعل الحكومة الجديدة ترى النور في مطلع كانون الثاني 2026 بدلاً من آذار من العام نفسه.
وشدد القاضي زيدان على أن التجارب السابقة أثبتت أن تسمية شاغلي المناصب الرئاسية الثلاث (رئاسة مجلس النواب ورئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء) كثيراً ما تتجاوز المدد الدستورية المحددة، وهو ما يشكل خرقاً واضحاً للدستور ومخالفة لروح التداول الديمقراطي للسلطة. وعزا هذا الخلل إلى غياب الجزاء أو الأثر القانوني المترتب على هذا التجاوز، إذ لم يتضمن الدستور نصاً يعالج هذه المخالفة أو يحدد عواقبها، مما أتاح تكرارها في أكثر من دورة انتخابية.
وفي الختام، أعرب رئيس مجلس القضاء الأعلى عن أمله بأن تؤخذ هذه الملاحظة بنظر الاعتبار عند إجراء أي تعديل مستقبلي للدستور، بما يضمن احترام التوقيتات الدستورية ويضع جزاءات محددة على مخالفتها، حفاظاً على استقرار النظام الديمقراطي وتكريساً لسيادة القانون ومبدأ التداول السلمي للسلطة.

