مفوضية الانتخابات تطلق استمارة طلبات تشكيل إقليم البصرة
أطلقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، اليوم الخميس (18 كانون الأول 2025)، استمارة طلبات تشكيل إقليم البصرة، بالتنسيق مع مكتبها في المحافظة، في خطوة تعيد إحياء مسار الأقاليم الإدارية الذي نصّ عليه الدستور، وتفتح في الوقت نفسه نقاشًا واسعًا حول الدور الشعبي والقانوني في هذا الملف.
وقال مدير مكتب انتخابات البصرة، حيدر محمد، لوكالة الأنباء الرسمية، تابعتها ” اخر الاخبار”، إنّ القانون حدّد في المادة (2) الجهات التي تمتلك حقّ تقديم الطلب الرسمي والمباشر لتشكيل الإقليم، وحصرها بجهتين فقط، هما:
• مجالس المحافظات عبر طلب يُقدَّم من ثلث الأعضاء.
• الناخبون عبر طلب يُقدَّم من عُشر الناخبين في المحافظة.
وبيّن أنّ منظمات المجتمع المدني لا تتمتّع بصفة رسمية لتقديم هذا الطلب باسمها ككيان معنوي، لكنّ أعضاءها، بصفتهم ناخبين، يمكن أن يتحرّكوا ضمن المسار الشعبي الذي رسمه القانون.
وأوضح أنّ توضيح المسار القانوني لنسبة 2% يصبح مهمًّا عندما ترغب مجموعة من المواطنين، بمساعدة منظمة مثلًا، في تفعيل خيار الرغبة الشعبية، مشيرًا إلى أنّ المادة (4) من القانون رسمت الطريق بوضوح، من خلال تقديم الطلب الأوّل من قبل 2% من الناخبين إلى مكتب المفوضية في المحافظة، متضمّنًا شكل الإقليم المراد تكوينه وحدوده الإدارية.
ولفت إلى أنّ المفوضية تعلن عن الطلب خلال ثلاثة أيّام في وسائل الإعلام، ثم تفتح سجلّ الرغبات لمدة لا تقلّ عن شهر واحد، لمراجعة بقية المواطنين الذين تتوفّر فيهم شروط الناخب، والتوقيع في سجلّ مُعدّ لذلك، لإكمال نسبة 10% المطلوبة قانونًا للانتقال إلى مرحلة الاستفتاء.
وأشار إلى أنّ دور المنظمة ينتهي عند حدود الحشد والتمثيل القانوني للأفراد، فيما تبقى الإجراءات الرسمية من تصويت وتوقيع في السجلات والاستفتاء محصورة بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وفق المادة (10)، مع قيامها بالتحقّق من الهويات والسجلات الانتخابية.
وأكّد مدير مكتب انتخابات البصرة أنّ المفوضية زوّدت استماراتٍ مخصّصة لجمع تواقيع 2% من ناخبي المحافظة، وأنّه بعد تدقيق هذه التواقيع، وفي حال ثبوت صحّتها، سيتم فتح مراكز تسجيل لاستقبال طلبات وتواقيع 10% من الناخبين، تمهيدًا لاستكمال المتطلّبات القانونية.
وذكر أنّه بعد تدقيق صحّة الطلبات كاملة، يُرفَع الطلب إلى مجلس الوزراء لتحديد موعد الاستفتاء حول تشكيل إقليم البصرة، ليقول الناخبون كلمتهم النهائية في هذا الخيار الدستوري.
وأطلقت استمارة طلبات تشكيل إقليم البصرة في إطار الآليات التي رسمها الدستور العراقي لتكوين الأقاليم، والتي تقوم على مبدأ المبادرة إمّا من مجالس المحافظات، وإمّا من نسب محدّدة من جمهور الناخبين، على أن تُستكمَل لاحقًا باستفتاء عام. وخلال السنوات الماضية، شهد ملفّ إقليم البصرة موجات متكرّرة من الجدل السياسي والشعبي، بين من يراه فرصة لتعزيز الإدارة المحلية وضمان حصّة أوضح للمحافظة من مواردها النفطية والمينائية، ومن يخشى أن يتحوّل هذا الخيار إلى بوّابة لمزيد من الانقسام السياسي والجغرافي، في ظلّ هشاشة التجربة الاتحادية وضعف أدوات الرقابة والحوكمة.
ومع الخطوة الجديدة للمفوضية، ينتقل الملفّ من مستوى الشعارات والمطالبات العامة إلى مسار قانوني عملي واضح، يقوم على تواقيع المواطنين ونِسَب المشاركة، ثم الاستفتاء، ما يعني أنّ مستقبل إقليم البصرة سيكون في النهاية رهنًا بميزان الإرادة الشعبية، ومدى قدرة القوى السياسية والمجتمعية على إدارة هذا النقاش ضمن الأطر الدستورية والقانونية، بعيدًا عن التوظيف السياسي اللحظي لهذا الاستحقاق الحساس.

