ما حجم الضرر الذي يمكن أن تلحقه صواريخ إيران بإسرائيل؟

ما حجم الضرر الذي يمكن أن تلحقه صواريخ إيران بإسرائيل؟

 

مع احتدام الصراع بين إسرائيل وحماس، هددت جهات فاعلة إقليمية، لا سيما إيران، بالتدخل، وهي تحاول من خلال تصريحاتها وأفعال وكلائها، تقليص ثني الحكومة الإسرائيلية عن عملية موسعة في غزة ومنع الولايات المتحدة من تقديم المزيد من المعونات المادية.

وتتواصل التوترات نتيجة هجمات حزب الله على شمال إسرائيل ومن خلال الضربات التي يتم شنها على المواقع الأمريكية في سوريا. وفي حالة اندلاع صراع إقليمي، فسوف تحد الجغرافيا من قدرة إيران على تقديم الدعم المادي لحلفائها كما  على شن هجمات صاروخية ضد إسرائيل.
لكن ما حجم الضرر الذي يمكن أن تلحقه الصواريخ الإيرانية بإسرائيل في حالة الحرب؟ تتساءل مايا كارلين، محررة أولى في 19FortyFive، ومحللة في مركز السياسة الأمنية، في تحليل بموقع “1945” الأمريكي

الترسانة الصاروخية الإيرانية

تعتبر الترسانة الصاروخية الإيرانية مثار إعجاب نسبياً نظراً لصغر حجم الاقتصاد الإيراني. فوفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، تمتلك إيران “الترسانة الصاروخية الأكبر والأكثر تنوعاً في الشرق الأوسط، مع آلاف من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز، والتي يستطيع بعضها ضرب مناطق بعيدة تصل إلى إسرائيل وجنوب شرق أوروبا”.

والكثير من هذه الصواريخ عبارة عن صواريخ بالستية قصيرة المدى يتراوح مداها بين 300 و 1000 كيلومتر، وبهذا لا تستطيع الوصول إلى إسرائيل. لكن إيران تمتلك ما يكفي من الصواريخ البالستية متوسطة المدى وصواريخ كروز الهجومية الأرضية التي يصل مداها إلى 2000 كيلومتر لتشكل بذلك تهديداً حقيقياً للدولة العبرية.
فإبان الحرب الإيرانية العراقية، بدأ الحرس الثوري الإيراني يحصل على صواريخ سكود وينشرها لمواجهة الهجمات بصواريخ سكود العراقية. وأثناء حربها مع جارتها، أقامت إيران علاقات مع بلدان عديدة، أبرزها كوريا الشمالية، لمواصلة تطوير الصواريخ. وفي التسعينيات، ساعدت بيونغ يانغ على تطوير الصاروخ الذي أطلقت عليه إيران اسم شهاب 3، وهو صاروخ قادر على حمل رؤوس نووية أرسى الأساس للعديد من التصاميم الإيرانية الحديثة.
واليوم تمتلك إيران ما لا يقل عن أربعة صواريخ قادرة على الوصول إلى إسرائيل، وهي سجيل 2 وخرمشهر وقدر وعماد، وتصدّر عدداً من صواريخها قصيرة المدى إلى وكلائها في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وقد حاول الحوثيون في اليمن بالفعل مهاجمة إسرائيل، بعتاد إيراني على الأرجح. وهذا كله يعني أن هناك الكثير من الصواريخ موجهة نحو إسرائيل، التي تمتلك عدة أسلحة دفاعية قوية لمواجهة هذا التهديد.

التعريف بالقبة الحديدية الإسرائيلية

أفضل دفاع تمتلكه إسرائيل ضد الصواريخ هو نظام القبة الحديدية الذي دخل الخدمة سنة 2007. وكما هو الحال مع أنظمة الدفاع الجوي الأخرى، يتكون هذا النظام من عدة أجزاء مختلفة، وهي وحدة الاكتشاف والتتبع، ونظام إدارة المعركة والتحكم في الأسلحة، ووحدة إطلاق الصواريخ.

شهدت بطاريات القبة الحديدية منذ إطلاقها نجاحاً واسع النطاق ضد صواريخ القسام التي أطلقتها حماس من غزة. وعلى الرغم من أن نظام القبة الحديدية قادر على الدفاع عن إسرائيل ضد التهديدات القريبة من غزة أو لبنان أو سوريا، إلا أنه أقل نفعاً ضد الصواريخ البالستية التي يتم إطلاقها من إيران. ولهذا الغرض، تستخدم إسرائيل نظام آرو.
والواقع أن تاريخ تطوير آرو يعود إلى ما قبل القبة الحديدية، الذي بدأ في 1986، حيث أراد جيش الدفاع الإسرائيلي استبدال نظام أفضل في استهداف الصواريخ البالستية بنظام باتريوت الأمريكي الصنع. وبعد فترة طويلة من التطوير، تم نشر الصاروخ أرو في عام 2000، حيث أسقط في 1 نوفمبر (تشرين الأول) الجاري صاروخاً أطلقه المتمردون الحوثيون، وذلك في أول اعتراض ناجح لسلاح أرض-أرض. ويوحي هذا النجاح بأنه ندّ لترسانة الصواريخ الإيرانية. وقد يأتي الخطر في حالة التغلب عليه بوابل كبير من الصواريخ.

القدرات الهجومية الرئيسية

كما تقول العبارة الشهيرة: الهجوم الجيد أحياناً أفضل وسيلة للدفاع. والتكلفة العالية لنظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، إلى جانب حجم الترسانة الإيرانية، معناها أن أفضل فرصة أمام إسرائيل لمواجهة التهديد ربما تكون توجيه ضربات إلى إيران. وعلى الرغم من أن إسرائيل نفسها لا تمتلك ترسانة صاروخية كبيرة، إلا أنها شنت غارات جوية ناجحة على جيرانها من قبل، كما حدث مع قصف المفاعل النووي العراقي سنة 1981.

وأوضحت الكاتبة أن هناك عوامل عديدة ستعقّد مثل هذه الخطوة من قِبل إسرائيل، وأبرزها المسافة التي يتعين على طائراتها اجتيازها. فالمسافة من إسرائيل إلى الحدود مع إيران تبلغ 1100 ميل وتمتد فوق المجالات الجوية لسوريا أو العراق أو الأردن أو المملكة العربية السعودية، التي لن يكون أي منها مسروراً باحتمال عبور مهمة هجومية إسرائيلية لأجوائها. أضف إلى ذلك أن أي صراع بين إيران وإسرائيل سيجعل القوات الإيرانية في حالة تأهب قصوى.
وقد نجحت المهمة التي نُفذت في العراق لأنها كانت شبه سرية، أما اليوم فإن التغطية الرادارية الحديثة والحاجة إلى مهاجمة مواقع صاروخية متعددة ستصعّب مثل هذه المهمة. ولو شعرت إسرائيل بضرورة ضرب إيران، فربما تدعو حلفاءها، وخاصة الولايات المتحدة، إلى القيام بهذه المهمة. وعندئذ ستكون الطائرات التي تنطلق عن متن حاملات الطائرات في الخليج العربي في وضع أفضل بكثير من الطائرات القادمة من إسرائيل لضرب الصواريخ الإيرانية. ومع ذلك فالتداعيات الجيوسياسية لمثل هذا العمل ستكون عميقة بشكل لا يصدقه عقل.

أسوأ السيناريوهات؟

ولو حدث الأسوأ وانخرطت إيران بنشاط في الصراع، فالمحتمل أن تحدث معاناة كبيرة. وعلى الرغم من امتلاك إسرائيل نظاماً متطوراً للدفاع الصاروخي، إلا أنها قد تغلبها الأعداد الهائلة وقد تجد صعوبة في الاستجابة.
في نهاية المطاف، إذا تعرضت إسرائيل للتهديد والهجوم بدرجة كافية، فقد تستخدم ضد إيران ورقتها الرابحة النهائية، وهي الأسلحة النووية، وفق الكاتبة.

تابعونا عبر تليغرام
Ad 6
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com